عشيرة أبوطير

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
عشيرة أبوطير

أول موقع خاص بعشيرة أبوطير حول العالم العربي و الاسلامي


    آل طباطبا

    محمدابوطير
    محمدابوطير
    Admin


    المساهمات : 336
    تاريخ التسجيل : 06/01/2010
    العمر : 44
    الموقع : https://abutair1979.yoo7.com

    آل طباطبا Empty آل طباطبا

    مُساهمة  محمدابوطير الأربعاء مارس 10, 2010 3:06 pm

    آل طباطبا

    آل طباطبا، أسرة شيعية إمامية وزيدية عاشت خلال 13 قرناً ( 2 ـ 14 هـ / 8 ـ 20 م ) في الحجاز والعراق واليمن والهند ومصر والشام وإيران، حيث يتوزّع قسم منهم اليوم في العالم الإسلاميّ أيضاً.


    نشأتها
    يعتبر الإمام الحسن بن علي عليه السّلام ( 3 ـ 50 هـ / 624 ـ 670 م ) جدَّ آل طباطبا الأكبر، ولهذا اشتهروا بـ « السادات الحسنيّة ». وكان مؤسس هذه السلالة إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن عليه السّلام.
    وإبراهيم هو أول من اشتهر بـ « طباطبا »، وقد عزا البعض سبب اشتهاره بهذا اللقب إلى أنّه كان يلفظ « القاف » طاءً، للثغة في لسانه، ولذلك كان يلفظ « قَبا » « طَبا » وعرف إثر تكرار هذه الكلمة بـ « إبراهيم طباطبا »، وأولاده وأحفاده بـ « ابن طباطبا ».
    وقال البعض الآخر: إن طباطبا تعني باللغة النبطية « سيد السادات »، وعندما أُطلق سراح إبراهيم من سجن أبي جعفر المنصور الدوانيقي ( ت 158 هـ / 775 م )، وسكن العراق مرغماً، دعاه الأنباط المحلّيون في ما بين النهرين بهذا الاسم، والرأي الأخير أصح. وكان إبراهيم من أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام ومن رواة الحديث.
    وقد اتهم العلويون دولة الخلافة بالانحراف عن مبادئ الإسلام وغصب حق الإمام عليّ عليه السّلام وأولاده منذ البداية، خاصة عندما استولى الأمويون على العالم الإسلاميّ واستشهد الإمام الحسين عليه السّلام ( 4 ـ 61 هـ / 625 ـ 680 م )، حيث كانوا يقومون أحياناً بثورات مسلّحة. وكان إبراهيم نفسه شخصيّةً علويّةً معارضة للخلافة العباسية، ولهذا السبب كانت الخلافة العباسية تضايقه وتلاحقه دائماً، حيث سُجن مدة طويلة وتُوفي في الكوفة ودفن فيها. وقد ثار أبوه إسماعيل الديباج أيضاً في عصر حكومة الهادي العباسي ( ت 170 هـ / 786 م ) في المدينة مع أفراد آخرين مثل الحسين بن علي بن الحسن بن علي عليهم السّلام ويحيى وإدريس وعلي وعمر الأفطس، وأخرجوا الحاكم العباسي من المدينة، وأخيراً قُتل مع ابنه الآخر حسن في وقعة « الفخّ ».
    وواصل ابنه محمد وأغلب أولاده وأحفاده الثورة بعده على الحكّام العباسيّين، وهاجروا إلى أماكن أخرى بسبب الظروف السياسية الصعبة في العراق والحجاز، ونظموا القوى المعارضة للخلافة العباسية سرّاً وعلانية. وذهب محمد بن طباطبا أحد أحفاده إلى اليمن وتسنّم الحكم في صَعدة، كما حكم أفراد آخرون من هذا البيت هذه المدينة وأقاموا دولة اتسعت رقعتها، حيث استمرت ـ رغم حكمها المنقطع أحياناً ـ إلى أواسط القرن 14 هـ / ق 20 م.
    ولا يُعلَم بدقة متى اعتنق هؤلاء المذهب الشيعي الزيدي، بيد أنهم كانوا ملتزمين بالآراء السياسية والفقهية الزيدية منذ أواخر القرن 3 هـ / ق 9 م، حيث بدأوا حكمهم في اليمن، وقد أجروا تغييرات في آراء هذا المذهب طوال القرون، وسافر قسم آخر من أحفاد إبراهيم طباطبا إلى إيران، وأقاموا في طبرستان والديلم ( مازندران وجيلان ) وسَعَوا مع الشيعة الزيدية الآخرين، بالعمل ضد العباسيين، إلى إيجاد حكومة شيعية. وعندما توطّد حكم الطباطبائي في « صعدة » انحازوا إليها ولا سيما من الناحية السياسية والعقائدية، ولم يتوانوا عن دعمها عسكرياً.
    وكان فرع من هذه السلالة يلقّب بـ ( كيا ) ويسكن في جيلان ومازندران أيضاً، وكان لهم دور ديني وسياسي واجتماعي مهمّ، وقد قُتل أحدهم وهو « خرم كيا » في 674 هـ / 1276 م ودفن في لاهيجان ونقش اسمه على اللوح الحجري الذي نحت في سنة 1105 هـ / 1694م. ويبدو أنهم غير السادات الأمير كيائية الحسينيين الذين كانوا يحكمون قسماً كبيراً من جيلان والمنطقة الشرقية بمازندران منذ سنة 769 هـ إلى 1000 هـ / 1368 م إلى 1592 م.
    كما ذهب حفيد آخر لابراهيم إلى أصفهان في أواخر القرن 3 هـ / ق 9 م، وأقام فيها، وأكثر السادات الطباطبائية في إيران من نسله، حيث رحلوا من أصفهان إلى زوارة وأردستان ثم ذهبوا إلى أماكن أخرى، وعُهد إلى أغلب الذين رحلوا إلى تبريز في القرن 9 هـ / 15 م منصب « شيخ الإسلام بأذربايجان » في عهد دولة الآق قويونلو، ثم انقسموا إلى بيوتات مختلفة بأسماء متنوعة مثل: الوهابي والوكيلي والعدل ودِيبا والقاضي.
    وقد تزوّج زيد الأسود ـ وكان أحد السادة الطباطبائية ـ ابنة عضد الدولة « شاهان دُخْت » وذهب إلى شيراز وسكنها، والسادات الأنجوية في شيراز من نسله، وبرز من هذا البيت علماء وأمراء وقضاة كثيرون، وكان الطاطبائيون في إيران كما يبدو من الشيعة الإمامية.
    وقد ذهب عدد من الطباطبائيّين في مصر، في القرن 3 و 4 هـ / 9 و 10 م وتابعوا هناك حركاتهم السياسة والفكريّة والعلمية، ولكنهم لم ينجحوا في تأسيس حكومة لهم. وسكن بعضهم في الشام أيضاً منذ القرن 3 هـ / 9 م، وتمكّن يحيى بن قاسم بن إبراهيم الطباطبا الشهير بالرسيّ من تولي إمارة الرملة بالشام، وكان قاسم بن محمد بن أحمد قاضي الشام منهم.
    ويبدو أن جماعة من أفراد هذا البيت، وكذلك عدد من السادات الحسينية، اقاموا في الهند أيضاً منذ الأيام التي أُبعد فيها قاسم الرسيّ إليها، وكان للسادة الطباطبائية دور سياسي وديني واجتماعي مهم في شبه القارة الهندية خلال القرون الوسطى والأخيرة، ولا يُعلَم عنهم الكثير. وقد ألف السيد علي بن عزيز الله الطباطبائي الحسني في 1003 هـ / 1595م كتاباً بعنوان « تاريخ برهان مآثر » وطبع في دلهي سنة 1355 / 1936، فورد في هذا الكتاب أسماء بعض كبار الطباطبائيين في الهند. منهم « سيد شاه ميرطباطبا » أحد علماء وأمراء هذه السلالة، وكان يعيش في الهند في القرن 10 هـ / 16م.
    ويقال إن شرفاء مراكش ـ أي الشرفاء الحسنيين ـ الذين حكموا من 951 هـ / 1544م إلى سنة 1069 هـ / 1659م، والشرفاء الفلاليين ـ الذين كانوا أمراء في مراكش من 1075 إلى 1311 هـ / 1664 إلى 1893 م ـ كانوا من الطباطبائيين ومن نسل قاسم بن إبراهيم.
    ويبدو من المستحيل تدوين أنساب هذا البيت بشكل كامل رغم الشهرة الكبيرة التي حظي بها آل طباطبا في التاريخ. وفيما يلي سلالات آل طباطبا وشخصياتهم العلمية والسياسية استناداً إلى المراجع المتوفّرة:


    دولة بني طباطبا في الكوفة
    بدأت هذه الدولة في 199 هـ / 815 م ودامت سنتين، أسسها أبو عبدالله محمد بن إبراهيم بن إسماعيل ( 173 ـ 199 هـ / 789 ـ 815 م ) المعروف بابن طباطبا، وكان فقيهاً ومحدّثاً وخطيباً وأديباً وشاعراً ومنجّماً وثورياً. وُلد محمد في المدينة وقضى أكثر حياته القصيرة فيها، وكان له ـ كبقية السادات العلويّين ـ دور مهمّ في التطورات السياسية ـ الثورية في عصره.
    وقد ثار محمد في السنوات التي تلت وفاة هارون الرشيد ( 148 ـ 193 هـ / 765 ـ 809 م )، حيث نشبت الحرب حول الخلافة بين ولدَيه الأمين ( ت 198 هـ / 814 م ) والمأمون ( 170 ـ 218 هـ / 786 ـ 833 م ) ودعا الناسَ إلى البيعة لـ « الرضا من آل محمد ». وقيل إن نصر بن شبيب ( شَبَث ) التقاه، وكان أحدَ معارضي الخلافة العباسية أيضاً. ويُعتقد بأن محمداً أرفع شأناً من بقية الشخصيات العلويّة المعارضة للعباسيين مثل عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن، وعلي بن عبيدالله بن الحسن بن الحسن عليه السّلام اللذَينِ كانا لا يريان جدوى من الحرب إلى حدٍّ ما، ولهذا حثّه على الثورة ضد الخلافة. وقد قدم محمّد إلى العراق لتوسيع دائرة الحركة الثورية واستنجد بأتباع ومؤيدي نصر، ولكنهم لم يستجيبوا له في الكوفة واعتذر نصر نفسه عن دعمه بسبب مخالفة قبيلته ومؤيديه، فقصد المدينة مضطراً، ولكنه التقى وسط الطريق في « عانات » بأبي السرايا ( السريّ بن منصور الشيباني ) الذي كان من قواد هرثمة بن أعيَن، وانفصل عنه. وبادر إلى تنظيم الثورة ضد العباسيّين، وكان كل منهما بحاجة إلى مناصرة الآخر، فتعاهدا على الثورة ضد المأمون الذي سيطر على العالم الإسلامي بعد انتصاره على أخيه الأمين. وقد جمع أبو السرايا ومحمد جيشاً يرتدي أفراده الملابس الخضراء، ودخلا الكوفة وفتحاها بعد هجوم صاعق سنة 199 هـ / 815 م، فاستقبلهم الناس وبايعوا محمداً. وقد دعا الفاتحون حاكم الكوفة الفضلَ بن العباس للبيعة، ولكنه أبى واضطُرّ للهرب إلى بغداد، فأرسل والي المأمون في العراق الحسنُ بن سهل ( ت 203 هـ / 818 م ) زهيرَ بن المسيّب مع عشرة آلاف مقاتل إلى الكوفة لإخماد الثورة فيها، ولكنه تراجع مندحراً. وفي الوقت الذي كانت ثورة الكوفة تتسع، دولة ابن طباطبا الجديدة وتتوطّد، تُوفّي محمد فجأة.
    وقد ذكر أغلب المؤرخين أن أبا السرايا دَسّ له السم، وذكروا أن سبب ذلك يعود إلى أن محمّداً كان قد عاتب أبا السرايا لهجومه المفاجئ ودخوله الكوفة قبل أن يدعو أهلها إلى التسليم وفق المبادئ الإسلاميّة، وكان وَقْعُ ذلك على أبي السرايا كبيراً. كما ذُكر أيضاً أن محمداً طلب من أبي السرايا أن يُرجع جميع أموال الكوفيين المسلوبة منهم، وخالفه أبو السرايا في ذلك. كما قيل إنه خشي من شعبيّة ابن طباطبا ونفوذه وكان يراه عائقاً في طريق بسط نفوذه ووصوله إلى الحكم. ويبدو أن جميع هذه العوامل دفعت أبا السرايا ـ الذي كان فترةً ما من الخوارج، كما كان لفترة رئيساً لعصابة من قطّاع الطرق ـ إلى إزاحة محمد من طريقه. وكان قد وصّى محمد في آخر لحظات حياته أن يلي الإمامةَ بعده عليُّ بن عبيدالله، ولكنه لم يقبل ذلك، واختار أبو السرايا محمدَ بن محمد بن زيد بن علي ليقوم مقام ابن طباطبا وهو صبي، وبهذا أصبح أبو السرايا الأميرَ المقتدر الذي لا ينافسه أحد. وقد أرسل المأمون قائده الشهير هرثمة بن أعين لإخماد الثورة في الكوفة، فدارت حرب سِجال في 200 هـ / 816 م بينه وبين أبي السرايا وانتهت بهزيمة الأخير، حيث أُسِر مع محمد بن محمد، وأرسلهما هرثمة إلى الحسن بن سهل في بغداد، فقتل الحسنُ بن سهل أبا السرايا وبعث بمحمد إلى المأمون في خراسان ولكنّ محمداً مات بعد مدة قصيرة أيضاً.
    وذكر البعض أن الدافع لنهضة ابن طباطبا هو أن نصر بن شبيب حثّه على الثورة لأغراضه الشخصية، ويعتقد البعض الآخر أن سلوك الحسن بن سهل ( 154 ـ 202 هـ / 771 ـ 817 م ) التعسفيَّ مع الناس وبني هاشم والعلويين في العراق، دفع محمداً إلى النهوض. ومع احتمال صحّة هذه الآراء، إلاّ أن عداء العلويين القديم لسلطة الخلافة واعتقادهم بأنهم أولى بالإمارة منهم يؤكّدانِ أنّ الحافز الأول والمهم لهذه الثورة وأمثالها هو إسقاط السلطة الظالمة واستلام السلطة السياسية، ولهذا أعلن محمد نفسه خليفة وأميراً للمؤمنين بعد انتصاره بالكوفة وأخذ البيعة من الناس، وكان شعاره تنفيذ أحكام القرآن والعمل بالسنة النبوية، ونقشُ خاتمه الآية القرآنية: إنّ اللهَ يُحبّ الذين يُقاتِلون في سبيلهِ صفّاً كأنّهم بُنيانٌ مَرصُوص ( الصفّ :4 ). ويدل أخذ محمد البيعة لنفسه وجعل الخلافة الإسلاميّة باسمه ـ مع وجود الإمام الرضا عليه السّلام في المدينة ـ على أن ثورته كانت مستقلة، أو على الأقل ليست ذات علاقة مباشرة بالإمام الرضا عليه السّلام.
    وفي نفس السنّة التي ثار فيها ابن طباطبا على المأمون، ثار أهل المدينة بقيادة علويّ آخر هو محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السّلام. وقد ظهرت ثورة أخرى أيضاً في ذلك الحين بقيادة الحسين بن الحسن بن علي [ الأصغر ] بن الحسين بن علي، المعروف بـ « ابن الأفطس »، وكان ينحاز إلى محمد بن إبراهيم في البداية، ولكنه دعا الناس إلى البيعة لنفسه بعد وفاة محمد. وفي ذلك الوقت بدأت ثورة في اليمن بقيادة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السّلام، وثورة أخرى في البصرة بقيادة علي بن محمد بن الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السّلام.


    دولة بني طباطبا الرَّسيّة في اليمن
    انهارت دولة الطباطبائيين في العراق، ولم يصل إلى السلطة من أولاد محمد بن إبراهيم أحد. ولكنّ أحد أحفاده « محمد بن الحسين بن جعفر بن محمد » ثار بعد مدة في الحبشة، كما ثار عمّه « محمد بن جعفر » في كرمان، ولكنه لم ينجح وأُعدم شنقاً. وبعد أقل من قرن، أسّس فرع من هذا البيت دولةً في اليمن دامت سنين طويلة، ويذكر السيد حسن الأمين أن اليمن منذ البداية وحتّى التطورات الجديدة للأوضاع السياسية والاجتماعية في اليمن ـ حَكَمها 66 إماماً من هذا البيت، كان 59 منهم من نسل الهادي ابن حسين بن القاسم بن إبراهيم طباطبا، و 5 منهم من ذرية أحد أحفاد الإمام الحسين عليه السّلام، واثنان من أحفاد علي بن محمد الهادي عليه السّلام ( 214 ـ 254 هـ / 829 ـ 868 م ) إمام الشيعة العاشر. وقد مهّد لتأسيس هذه الدولة على يد الهادي يحيى فكرياً وسياسياً العالِمان القاسم الرسيّ وابنه الحسين.
    وكان ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم الرسيّ ( 170 ـ 244 هـ / 786 ـ 858 م ) فقيهاً ومتكلّماً ومحقّقاً ومؤلّفاً، ومكافحاً. وُلد في المدينة ونشأ وتعلم عند أبيه وعلماء آخرين من قومه، وعاش مدة في الرّس ( جبل قرب المدينة ) ولهذا عرف بالرسيّ وانتقل هذا اللقب إلى أولاده وأحفاده في اليمن ومصر والهند. طلبه المأمون بعد إخماد ثورة أخيه محمد الأمين في العراق، ولكنه هرب إلى الهند وتوفي هناك سنة 245 هـ / 859 م، وعاد ابنه حسين إلى اليمن. اما ابن عنبة فيقول بأنّه أقام في جبل الرّس وكان يأخذ البيعة باسم « الرضا من آل محمد ». ويُذكر أن أتباعه بايعوه في 221هـ/835م وتوفي في الرسّ في 246 هـ/ 860 م.
    وبهذا تولّى القاسم إمامة الزيدية بعد أخيه وخلّص هذه الفرقة من التشتّت، وهو يحظى عند الزيديين باحترام ومنزلة خاصة، لكونه أولاً الجدَّ الأعلى للملوك والأئمّة الزيديين في اليمن، وثانياً كانت لأفكاره وآرائه الفقهية من الأثر البليغ في نشر المذهب الزيدي هناك، فعُرفت زيدية اليمن بـ « القاسمية » أيضاً.
    وكان لقاسم أتباع له خارج اليمن، فقد ساعدت تعاليمه على نشر المذهب الزيدي في أماكن أخرى. وانتقل بعض أولاده وأحفاده إلى مصر وقاموا بنشر مذهبهم. وكان أحد أتباعه « جعفر بن محمد النيروسي »، من إهالي مدينة نيروس رويان ( ناحية في الديلمان القديمة ) فدعا إلى المذهب الزيدي في « رويان » و « كلار » ومهّد لنشر الإسلام في جيلان.
    وله تأليفات في الفقه والكلام والتاريخ، هي: الدليل على الله الكبير؛ المكنون؛ صفة العرش والكرسي وتفسيرها؛ الهجرة؛ العدل والتوحيد ونفي الجبر والتشبيه؛ الدليل الصغير؛ مسألة الطبريّين؛ الإمامة؛ المسترشد؛ سياسة النفس؛ القتل والقتال؛ المديح الكبير للقرآن المبين؛ المديح الصغير؛ الناسخ والمنسوخ؛ الرد على الزنديق اللعين ابن المقفّع؛ الرّد على الملحد؛ الرد على الروافض من أصحاب الغلو؛ الرد على النصارى.
    ويذكر بروكلمان أن أغلبها خطّية وموجودة في مكتبات انجلترا وألمانيا، وإيطاليا.
    وكان ابنه الحسين الرسيّ أيضاً من الفقهاء والمحقّقين والمناضلين الطباطبائيين، نشر المذهب الزيدي وآراء هذه الفرقة الفقهية في اليمن وأبوه على قيد الحياة، وبذلك انتشر المذهب الشيعي الزيدي ونما في اليمن إلى جانب المذاهب الإسلاميّة الأخرى، وبعد مدة قصيرة أصبح أكثر المذاهب الإسلاميّة نفوذاً في تلك المنطقة، ممّا ساعد على التمهيد لإنشاء دولة بني طباطبا، وكان أئمتها:
    1. الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين ( 245 ـ 298 هـ / 859 ـ 911 م )، فقيه ومتكلّم ومحقّق ومحدّث وأديب وشاعر ومناضل وأول إمام شيعي زيدي في اليمن. ويذكر أنه ولد سنة 220 هـ/ 835 م في المدينة، وفيها نشأ وترعرع، ودرس علوم زمانه على أبيه وغيره من علماء قومه، واشتهر بالعلم والفقه، وكان موضع ثناء لعدله وشجاعته وثباته، وقيل أنه كان يلبس الصوف دائماً.
    وقد دعاه بعض الأمراء وعلماء الدين في اليمن لتولّي الإمامة وإخماد نيران الفتنة والوقوف أمام تشتّت هذه الفرقة، فسافر إليها سنة 280 هـ / 893 م، ولكنه لم يجد أتباعاً مخلصين ذوي عزم؛ فقفل راجعاً إلى المدينة، ثمّ جاءه بعد ذلك رُسل أوفدهم أعيان اليمن وطلبوا منه الرجوع إليها، وعاهدوه على الطاعة التامة وقتال أعدائه ومخالفيه، فتوجّه إلى اليمن ثانية في 284 هـ/ 897 م، وأقام في صَعْدة، ثمّ رحل إلى صنعاء سنة 286 هـ/ 899 م وجعلها مركزاً لإمارته، وهبّ الزيديون في اليمن لمساعدته.
    وقد بدأت ثورته في عصر المعتضد العباسي أبي العباس أحمد بن الموفّق ( ت 289 هـ/ 902 م )، وأخذ نجمه يتألق بعد مدة قصيرة، فحارب ولاة العباسيين من جهة والحكامَ المحليين في اليمن من جهة أخرى، ولكن القوى المحلية ـ أمثال آل يَعْفُر ويعتقد أنهم من أخلاف حِميَر في صنعاء وكهلان وآل الضحاك وآل طريف ودعام والقرامطة وأتباع علي بن الفضل القرمطيّ ( ت 303 هـ / 915 م ) ـ وجدوا أنّهم أمام منافس سياسيٍّ قويّ وأنّ سلطتهم في خطر فتصدوا له، إلاّ أن يحيى تغلّب عليهم ووسّع مناطق نفوذه، كما بايعه أحد ملوك اليمن أبو العتاهية الهَمْداني مع قبيلته وجميع أتباعه، وبايعته بعض قبائل الخولان وبني الحارث بن كعب وبني عبدالمدان.
    وبعد استقرار إمامة يحيى انفصل جزء كبير من اليمن عن الخلافة العباسية عمليّاً، فقد بايعه الناس إماماً وأميراً للمؤمنين في 288 هـ / 901 م وكان أبوه على قيد الحياة، وتوطّدت إمارته في صنعاء وضرب النقود باسمه، وهذا ما يؤيد استقلاله عن سلطة الخلافة. وقد اتّسع نفوذه إلى حد أنّ حاكم مكة كان ينقاد له، وخطب باسمه في هذه المدينة لمدة سبعة أعوام، واستولى يحيى على صنعاء ونجران وبقي مدة فيهما، ولكن أبناء يَعفُر استرجعوا صنعاء منه بعد مدة، وبهذا انتقلت دولة يحيى إلى مدينة صَعدة. وكان أحد أسباب بسط نفوذه أنه صالح بين المسلمين ونصارى نجران، وكذلك بين القبائل المتطاحنة، وتوفّي في صعدة.
    وكان يحيى من فقهاء الزيدية المشهورين، كما كان لآرائه الفقهية والكلامية دورٌ كبير في تكوين المذهب الشيعي الزيدي وتدوينه، وقد خالف البعض آراءه بعده، ويقرب فقهه من الققه الحنفي، ومن فتاواه المشهورة أن أهل الذمّة ( النصارى واليهود ) لا يستطيعون أن يمتلكوا في الدولة الإسلامية إلاّ الأراضي التي ورثوها من أجدادهم، ولهذا كانوا لا يقدرون على شراء الأراضي من المسلمين، وعليهم أن يعيدوا الأراضي التي اشتروها بعد الفتح الإسلاميّ إلى أصحابها المسلمين، وكان يريد بهذه الفتوى أن يسدّ كل سبل حاجة المسلمين للكفار. وبناء على ذلك كان يرى من الواجب شراء الرقيق المسلمين وتحريرهم من الكفار واستخراج ذلك من بيت المال أو الزكاة. وله اقوال مأثورة وحكم مشهورة منها « ليس الإمام من احتجب عن الضعيف في وقت حاجة ملحّة ». وكان في صراع دائم مع القرامطة والباطنية، وقيل انه اشترك في نيف وثمانين معركة، كان يقود أغلبها بنفسه، وقد ذكر بعض حروبه في شعره وعمل حفيده يحيى بن محمد بن الهادي على ترسيخ آرائه السياسة والفقهية في شمال إيران والديلمان، التي تداخلت مع عقائد المذهب الزيدي الناصري الذي ينسب إلى الناصر الأُطروش، الداعي الكبير لحسن بن زيد ( ت 270 هـ/ 883 م ).
    وليحيى تأليفات كثيرة في الفقه والحديث والتفسير والكلام هي: تفسير القرآن من السورة 63 إلى السورة 78؛ الرد على من زعم أن القرآن قد ذهب بعضه؛ أصول الدين؛ في تثبيت الإمامة؛ تثبيت إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؛ جامع الأحكام في الحلال والحرام؛ الرضاع؛ المنتخب من الفقه؛ الفنون؛ أجوبة على أسئلة مختلفة؛ الاستدلال على رسالة محمد صلّى الله عليه وآله؛ رواية عن الهادي إلى الحق؛ موعظة للهادي إلى الحق؛ العمدة؛ المسترشد في التوحيد؛ مسألة في العلم والقدرة والإرادة والمشيّة؛ المنزلة بين المنزلتين؛ الردّ على محمّدِ بن الحسن بن الحنفية؛ الردّ على المجبّرة والقَدَريّة؛ الردّ على أهل الزيغ من المشبّهين، تفسير آية الكرسي؛ العرش والكرسي؛ الديانة؛ جواب مسألة النبوة والإمامة؛ باب إثبات النبوة؛ ما نهى الله عنه رسول الله؛ في ذكر خطايا الأنبياء؛ الجملة؛ الخشية؛ البالغ والمدرك؛ تفسير معاني السنة والرد على من زعم أنها من رسول الله؛ القياس؛ ووصيته المنظومة في 54 بيتاً. وجميع هذه الآثار موجودة في مكتبات بريطانيا وإيطاليا وألمانيا. وله كتابٌ آخر يدعى الأمالي، ذكر الزركلي أنه طبع في صنعاء. يقول فَؤاد السيد: إن هذه الكتب محفوظة في الجامع الكبير بصنعاء.
    2. المرتضى لدين الله محمد بن يحيى الهادي ( 278 ـ 323 هـ / 891 ـ 935 م ) فقيه وخطيب ومتكلّم وشاعر وأديب ومؤلّف وثاني أميرٍ طباطبائيّ في اليمن، خلّف أباه في امامة الزيديين في 1 محرم 299 هـ / 29 م آب 911 م، وقيل إنه حارب معارضيه، لاختلاف الناس على إمامته بادئ الأمر، ولكنه لم يبقَ في منصب الإمامة إلاّ مدة يسيرة، ثم تخلّى عن منصبه لأخيه أحمد الناصر، وبايعه وقضى حياته معتزلاً عاكفاً على التحقيق والمطالعة والتأليف والعبادة. ولا يُعلم عن أواخر حياته شيء؛ ويُعتقد أنه قضى مدة في سجن آل طريف، حيث كانوا من معارضي إمارته، وهرب من السجن أو أُطلق سراحه بعد هجوم آل يعفر على آل طريف وتغلّبهم عليهم. مؤلفاته الفقهية والكلامية كثيرة وقيل إنها تصل إلى 16 كتاباً، منها: مختصر كتاب النهي؛ السبع رسائل المنتقاة؛ الرسالة التي بعث بها إلى أهل طبرستان بعد وفاة أبيه؛ مسائل المعقلي في الفقه ـ وهذه المؤلفات موجودة في المتحف البريطاني ـ النوازل؛ جواب مسائل المهدي؛ تفسير القرآن في 7 مجلدات؛ الأصول في العدل والتوحيد؛ الإيضاح؛ الرد على الروافض والرد على القرامطة.
    وكان له عدد من الأولاد أشهرهم حسن المعروف بـ « أتج »، وُلد في آمل من مازندران، وانتقل جمع من أحفاده إلى أصفهان واشتهروا بـ « أبي العسّاف »، وظلّوا فيها إلى القرن 6 هـ /12 م. كما سكن بعضهم في ساري والري وخوزستان، وذهب بعضهم إلى أنّ وفاته كانت في 320 هـ /932 م.
    3. ترجمان الدين أحمد بن يحيى الهادي المعروف بأحمد الناصر ( 275 ـ 325 هـ / 888 ـ 937 م ) فقيه وأصولي ومتكلّم ومحقّق وشاعر وثالث أمير من آل طباطبا. أصبح إماماً بعد أن تخلّى أخوه محمد المرتضى لدين الله في سنة 301 هـ /914 م له عن الإمامة. وقد ثار القرامطة والباطنية مرّة أخرى في عصره، ودارت بينهم وبين أحمد حرب قرب صنعاء سنة 307 هـ /919 م، وحارب القرامطة على رأس 000/30 جندي وانتصر عليهم. ويعتبر أحمد الناصر من الأدباء والشعراء العرب البارزين. ومن تآليفه: النجاة في الأصول ـ 13 مجلداً؛ الدامغ؛ التوحيد؛ الفقه؛ التنبيه؛ الرد على القَدَريّة.
    4. المنتجب الحسين بن أحمد ( ت 329 هـ /941 م ) فقيه وإمام زيدي، ذكر السيوطي أنه تولّى الإمامة بعد وفاة أبيه.
    5. أبو محمد قاسم المختار بن أحمد ( ت 344 هـ / 955 م ) فقيه وإمام زيدي، أصبح أميراً بعد أخيه الحسين، كان يعيش في صَعدة ويعتبر من كبار أئمة الزيدية في اليمن.
    وثلاثة آخرون من أولاد أحمد ناصر حكموا الواحد تلو الآخر، هم: جعفر الرشيد والمختار والمنتجب لدين الله حسن. وكان له أبناء آخرون انتشروا هم أو أحفادهم في أماكن مختلفة، أسّس كل واحد منهم فرعاً من آل طباطبا. وكان أبو الغطمش إسماعيل أحد أولاد أحمد، رحل أولاده إلى خوزستان وأقاموا فيها، واتخذ أبو الحمد داود ـ وكان أحد علماء الدين ـ من العراق محلاًّ لإقامته، وهاجر من أولاده القاضي مجلي أبو محمد بن أبي الحمد إلى خوزستان، وأقام أحفاده في واسط والأهواز. وقد حارب يحيى بن أحمد أخاه على الإمارة ولُقّب بـ « المنصور » وتوجّه أبو الفضل رشيد الدين إلى حلب، وسافر قسم آخر من أولاد أحمد إلى مصر وسكنوا فيها.
    6. الإمام قاسم بن علي العيّاني ( 310 ـ 393 هـ / 922 ـ 1003 م ) فقيه ومحقّق ومؤلف وإمام زيدي، ومن أحفاد القاسم الرسيّ، ويصل إليه عن طريق عبدالله، وقد عُرف بـ « العيّاني » لأنّه دُفن في عيّان ( جنوب صعدة ). تولّى الإمامة سنة 388 هـ / 998 م. وقد انضوت جميع صنعاء وذمار تحت نفوذه، وعيّن الشريف قاسم بن الحسني الزيدي حاكماً على المدينتين، كما بايعه الأمير أسعد بن عبدالله وخطب باسمه تاج الدين في كهلان وأرسل إليه بعض الهدايا. وشقّ أهالي نجران وقسم من الزيديين عصا الطاعة، فحاربهم عدة مرات، وتنحّى عن الإمامة سنة 392 هـ /1002م للدّاعي يوسف أحد مدّعي الدولة الرسيّة.
    7. الداعي إلى الله يوسف بن يحيى بن أحمد الناصر المقتول 403 هـ /1012 م )، فقيه ومؤلف وأمير زيدي، لا نعلم عن حياته شيئاً، حتّى أنّه لا يُعلم هل تمّت له الإمارة الكاملة بعد قاسم العيناني أم لا، ولكن من المؤكد أنّه سعى سنوات عديدة للوصول إليها، وقتل أخيراً؛ ققد ثار في « ريدة » وأطلق على نفسه اسم « الداعي إلى الله »، ودخل بعد مدة «صعدة » وبقي فيها مدة، ثم تقدّم نحو صنعاء ونجران وذمار وأنس، ووقعت بينه وبين أمراء عصره معارك عديدة. واستولى الاضطراب على اليمن في عصره، فكان على كل منطقة من مناطقها أمير، ومن الممكن أنه وصل إلى الحكم بعد أن تنازل له عن الإمامة قاسم العياني. وقيل إنّ مؤلفاته بلغت 100 مجلد، ولكن لا يُعلَم عنها شيء.
    8. الحسين بن قاسم العيّاني ( 376 ـ 404 هـ / 986 ـ 1013 م ) عالم وفقيه ومتكلّم ومؤلف وأمير زيدي، تولّى إمامة الزيدية بعد وفاة والده، أو ربما بعد يوسف الدّاعي، وقد حارب الإمامَ محمد بن قاسم بن الحسين الزيدي في 403 هـ /1012م وتغلّب عليه، وتمرّد أحمد بن قيس بن الضحّاك في 404 هـ /1013م فنشبت الحرب بينهما، وقيل إنه كان وأبوه يفضّلان آراء المذهب العُبَيدي الاسماعيلي على آراء الزيدية.
    وهو مؤسس فرقة باسم « الحسينية »، وتعتقد هذه الفرقة بأن « الحسين » هو الإمام الحي الغائب الذي سيظهر يوماً ما، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
    وينقسم الحسينيون إلى جماعتين: جماعة تعتقد بأن الإمام يظهر خلال غيبته دائماً لرؤية أتباعه. وتذهب الجماعة الأخرى إلى أنه لا يراه أحد حتّى ظهوره ونهضته، وأن أتباعه يعملون حسب تعليماته وما بقي من كتاباته. وينسبون إليه تأليفات كثيرة، يقال إن عددها يصل إلى 73 مجلّداً، منها منهج الحكمة؛ المعجز، في أصول الدين؛ الارادة؛ الصفات؛ معرفة الصانع؛ تفسير غريب القرآن. ولا يُعلم مَن حكم بعده من أئمّة هذه السلالة إلى أوائل القرن 6 هـ /12 م.
    9. الامام عبدالله بن حمزة ( 551 ـ 614 هـ / 1156 ـ 1217 م ) فقيه ومتكلّم ومحدّث ومحقّق ومؤلف وأديب وشاعر وأمير زيدي، يصل نسبه إلى عبدالله بن الحسين بن القاسم الرسيّ. تولّى الحكم سنة 594 هـ /1198 م، وكان مشغولاً بالحروب القديمة مع السلطان طغطكين بن أيوب وابنه المعزّ اسماعيل، وكان جيشهما من الأكراد، وقد حرّر صنعاء من أيدي المناوئين مرتين:
    أولها سنة 594 هـ /1198م عندما استولى عليها الأمير جكر بن محمد الكردي أحد قوّاد المعزّ، والأخرى سنة 611 هـ /1214م بعد أن ضعفت شوكة الأيوبيين.
    ولـ « عبدالله » مؤلفات كثيرة منها: الشافي؛ أربع مجلدات في الكلام؛ المهذّب؛ زيادة الأدلة العقليّة؛ صفوة الاختيارات؛ حديقة الحكمة النبوية في شرح الأربعين الحديث السليقية؛ الجوهرة الشفّافة في أصول الدين؛ الرسالة الناصحة بالأدّلة الواضحة ـ مجلدان: أحدهما في علم الكلام والآخر في فضائل أهل البيت؛ الدرّة الثمينة؛ الأجوبة الكافية؛ الفتاوى المنصورية، وديوان شعر كبير. وبدأ بكتابة تفسير للقرآن، ولكنّ الأجل وافاه فلم يفسّر إلاّ سورة البقرة، ولا توجد معلومات عن مؤلفاته. وكان بارعاً في الأدب والشعر العربي، وتخرّج من حلقة درسه كثير من التلامذة، وتوفّي بحصن كوكبان ودفن في حصن « ظفار داود ».
    10 ـ أحمد الموطّئ بن الحسين بن أحمد، فقيه وأديب وأمير زيدي.
    استمرت إمارة الطاطبائيين الزيدية في اليمن حتّى القرن 5 و 6 هـ /11 ، 12 م وما بعدها، وأمّا تاريخ هذه السلالة والتطّوّرات العامة والحياة الشخصية وحتّى أسماء الأئمّة فقد أصابها الاضطراب بحيث لا يمكن تقريباً تشخيص وتدوين تراجم عن حياتهم وكيفية أحوالهم. ويعود هذا الاضطراب التاريخي إلى ما آلت إليه هذه السلالة من ضعف سياسي بعد إمامة أحمد الناصر، ولذلك ظهرت الخلافات الداخلية وادّعاءُ عدد منهم الإمامة، ونشبت المعارك بينهم، وقتل فيها الامام المتوكل أحمد بن سليمان ( 532 ـ 566 هـ / 1138 ـ 1171 م ) مؤلف: أصول الأحكام؛ المدخل في الفقه؛ الحكمة الدريّة في أصول الدين.
    ومن جهة أخرى نهض حمزة بن سليمان ـ وهو أحد أحفاد داود بن الحسن بن الحسن عليه السّلام ورئيس أحد فروع هذه السلالة ـ في مكة بغية السيطرة على صنعاء وإخضاع دولة بني طباطبا، وتغلّب أخيراً على هذه المدينة التي كانت مركزاً مهماً للطباطبائيين، وقد أنهى سقوطُ صنعاء حكمَ سلالة أحمد الناصر بشكل موقت ولجأ هؤلاء إلى جبال صنعاء الشرقية واختفوا فيها، ولكن الناس كانوا يعتقدون بأن إمامتهم ستعود بسرعة. وقد بايع الزيديون أحمد بن الحسين المنتجب ( المعروف بـ « أحمد الموطئ » ) في 645 هـ / 1247 م، وبهذا الشكل استمرت الدولة الطباطبائية الرسيّة.
    ولا يُعلم شيء عن تاريخ ابتداء وانتهاء إمارة أحمد، ولكن ابن خلدون يقول ان الإمامة بقيت في سلالته. وقد حكم بعضهم في القرنين 7 و 8 هـ /13 و 14م. وادّعى الإمارة في ذلك العصر أفراد آخرون من الطباطبائيين، بيد أن هناك اشخاصاً كانوا يتمتّعون بقدر من السلطة وإمامة الزيدية في مناطق أخرى أيضاً، ولذلك ذُكر عدد من الأئمّة في اليمن وقت واحد.
    11. الإمام المهدي أبو طير أحمد بن الحسين ( 612 ـ 656 هـ / 1215 ـ 1258 م ) عالم وأمير زيدي تسنّم الإمامة سنة 646 هـ /1248 م، وسيطر في حربه مع جنود المنصور الرسولي على مدينة « شبام » مقر إمارته، وقام الشيخ أحمد بن محمد الرصاص بثورة وحارب أبا طير في 656 هـ /1258 م بإغراء من مظفر الرسولي، وقُتل أبو طير في هذه المعركة، فدفن في « ذيبين ».
    12. الامام المهدي محمد بن مطهر بن يحيى ( 665 ـ 729 هـ /1267 ـ 1329 م )، فقيه ومحدّث وأمير زيدي، يصل نسبه إلى يحيى الهادي، ولد في هجرة ( قرب شهارة ). درس على أبيه وعلماء آخرين، وقد بايعه أهل مدينة « حوث » بعد وفاة أبيه في 701 هـ /1302 م. وكانت دولة بني رسول بإمرة المؤيد في ذلك العصر قد بسطت نفوذها على اليمن بأكمله تقريباً.
    وذاع صيت الإمام المهدي في أكثر مناطق اليمن في 707 هـ /1307 م، وقد استطاع بمساعدة الأكراد المقيمين في صنعاء أن يسيطر على القرى القريبة من هذه المدينة، وهاجمه المؤيد بجيش كبير، ولكن المهدي استولى أخيراً على جميع أنحاء اليمن بعد حروب طويلة دامت حتّى 726 هـ /1326 م.
    وله مؤلفات عديدة منها: المنهاج الجليّ؛ عقنود العقيان في الناسخ والمنسوخ من القرآن؛ الكواكب الدريّة في شرح أبيات البدرية؛ البُغية؛ السراج الوهّاج في حصر مسايل المنهاج؛ الجواب المنير على مسائل أهل الظفير، وتوفّي في حصن « ذي مرمر » شمال شرقي صنعاء.
    13. الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى ( 775 ـ 840 هـ / 1373 ـ 1436 م ) فقيه ومتكلّم وأصولي وأديب وشاعر ومحقّق ومؤرخ وأمير زيدي. كان من أحفاد يحيى الهادي، وقد بايعه علماء وأعيان تلك البلاد سنة 793 هـ /1391م؛ ولكن الامام المنصور علي بن صلاح الدين وأتباعه واغلب قبائل اليمن لم يذعنوا له؛ ولذلك اندلعت الحروب بينه وبين مخالفيه، واندحر أخيراً وأُسر وسجن في صنعاء 8 سنوات، ثمّ فرّ من السجن واختار الإقامة في ظفير وتوفّي فيها؛ وقد دوّن بعض مؤلفاته في السجن.
    ومما ألف: البحر الزخّار ـ 5 مجلدات؛ الأزهار...؛ الغيث المدرار في شرح الأزهار، الانتقاد في الآيات المعتبرة في الاجتهاد، المستجاد في شرح الانتقاد. وفي علم الكلام وأصول الدين: نكت الفرائد في معرفة الملك الواحد، وشَرَحه باسم غرر القلائد؛ القلائد في تصحيح العقائد وشرحه باسم درر الفرائد؛ الملل والنحل وشرحه باسم المنية والأمل؛ رياضة الأفهام وشرحه باسم دامغ الأوهام. وفي العلوم العربية: الكوكب الزاهر؛ المكلل...؛ تاج علوم الأدب؛ قانون كلام العرب؛ إكليل التاج.... وفي أصول الفقه: معيار العقول في علم الأصول، وشرحه باسم منهاج الانوار.... وفي الزهد: تكملة الأحكام؛ التصفية عن بواطن الآثام؛ حياة القلب...؛ القمر النوّار.... وفي علم الواجبات: الفائض؛ القاموس الفائض في الفرائض. وفي المنطق: القسطاس. وفي التاريخ: الجواهر والدرر...؛ تحفة الأكياس... ( وهذان الكتابان موجودان في المتحف البريطاني )؛ تزيين المجالس...
    14. الامام الهادي عزّ الدين بن الحسن ( 845 ـ 900 هـ / 1441 ـ 1495 م ) فقيه ومحدّث ومؤلف وأمير زيدي، ولد في هجرة ( فللة )، ثم ذهب إلى صعدة ومنها إلى تهامة لنيل العلوم والحديث. تولّى الإمامة في 879 هـ / 1474م. ومن تأليفاته شرح لـ « البحر الزخّار » تأليف أحمد بن يحيى، والمنهاج ـ في مجلدين. توفّي في مسقط رأسه.
    15. المتوكل على الله يحيى شرف الدين ( 877 ـ 965 هـ / 1373 ـ 1553 م ) فقيه وشاعر وأمير زيدي، حفيد محمد بن المطهّر، درس في ظفير وصنعاء على علماء اليمن وعلى أبيه شمس الدين، نال الإمامة في 912هـ. واندلعت حروب بينه وبين السلطان عامر بن عبدالوهاب الطاهري انتهت بانتصار المتوكّل. وقد حكم حتّى 952 هـ في صنعاء، ورحل إلى ظفير بعد هجوم العثمانيين على اليمن وسلّم الحكم لابنه مطهّر ـ الذي كان قد أبدى جدارة في الحروب السابقة، وبقي إلى آخر حياته فيها.
    16. مطهر بن يحيى ( 908 ـ 980 هـ / 1503 ـ 1572 م ) وصل إلى سدّة الحكم في حياة والده لصدّه هجوم العثمانيين على اليمن، وحارب الأتراك 80 مرّة، وأخيراً أزاحهم عن اليمن في 975 هـ، ومات في ثلاء.
    17. الامام المنصور قاسم بن محمد ( 967 ـ 1029 هـ / 1560 ـ 1620 ) فقيه ومتكلّم ومحدّث وأديب وشاعر وأمير زيدي، يصل نسبه إلى أحمد الناصر. ولد في « شاهل »، ونال الإمارة في 1006 هـ / 1597م. وفي عصره هاجم الأتراك العثمانيون اليمن، لكنه تصدى لهم مع ابنه المؤيد وطردهم منها، ثم وسّع منطقة نفوذه. وكان مقر إمارته في جبل « القمر » من مدينة أبي زيد في حاشد. وبعد أن قام العثمانيون بهجوم واسع على اليمن، انتقل إلى « برط ». وفي 1015 هـ /1606 م أقام في « شهارة » وبنى المسجد الجامع فيها، كما بنى مسجداً آخر في مدينة « هَجَر ». وقد هاجمه العثمانيون ثانية عندما كان مقيماً في « شهارة »، فنشبت بينهما معارك طاحنة، انتهت باندحار الأتراك. وبعد أن يئس الأتراك من اخضاع اليمن اضطُروا إلى عقد معاهدة صلح مع الامام المنصور في 1025 هـ /1616 م. وبعد ذلك ساس البلاد براحة بال، واهتم بنشر العلم والتحقيق والتأليف، وكان أئمّة اليمن الزيدية بعده يُدعَون بـ « القاسمي » أيضاً، وأصبحت مدينة « شهارة » عاصمة لإمارة الأئمة من بعده، وتوفي فيها. ومن تأليفاته: كتاب الاعتصام ـ في الفقه.
    18. المؤيد بن قاسم بن محمد، كلُّ ما نعلم عنه أنه تسنّم الإمامة بعد أبيه، وحارب الأتراك العثمانيين مراراً سواء في عصر أبيه أو بعده، وكان له دور في طرد الأتراك العثمانيين من اليمن.
    19. إبراهيم بن محمد المؤيدي ( ت 1083 هـ / 1672 م ) أصولي ومتكلّم ومؤرخ وأمير زيدي، يصل نسبه إلى الإمام عزالدين بن الحسن. تنازل عن الإمامة لصالح الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن قاسم بعد فترة من تصديه لها. ومن تآليفه: الروض الحافل في شرح الكافل ـ في أصول الفقه؛ شرح هداية الأفكار ـ 3 مجلدات في فروع الدين؛ الروض الباسم في أنساب آل الامام القاسم.
    20. المتوكل على الله إسماعيل بن قاسم ( 1019 ـ 1087 هـ/ 1610 ـ 1676 م ) فقيه ومتكلّم ومحقّق ومؤلف وأمير زيدي. ليس لدينا معلومات واضحة عن حياة وأحوال إسماعيل السياسية والاجتماعية وحتى العلمية؛ وقيل إنه حكم 23 سنة، واتّسعت في عصره وعصر ابنه منطقة نفوذ الطباطبائية الزيدية في اليمن ووصلت في الجنوب إلى تِهامة وحَضرَموت، وقد طُرد العثمانيون في تلك الفترة من اليمن مرة أخرى. وكان شريف مكة يأتمر بأوامره، وقيل إن الناس في عصره كانوا يعيشون في أمن واستقرار ويتمتعون بالعدل والرفاه. وكان إسماعيل يقضي أوقاته في ادارة شؤون البلاد والتدريس والعبادة. ومن تأليفاته: العقيدة الصحيحة ـ وشرحه باسم المسائل المرتضاة إلى جميع القضاة؛ حاشية على المنهاج للإمام المهدي ـ في الأصول، ورسالة في الطلاق بالثلاث. وتوفّي في « ضوران » قرب صنعاء.


    في القرون الأخيرة
    اضطربت الإمامة الزيديّة منذ القرن 11 هـ / 17م وتبدّلت إلى إمارات متفرقة، وكانت إمامة هؤلاء في هذا القرن مقرونة بالثورات والاضطرابات الكثيرة، فكان وراءها القبائل والمنافسون السياسيون والمحلّيون، مثل ثورة الهمدانيين وبني حشيش وبني الحارث في 1102 هـ / 1691 و 1256 هـ / 1840 م، والتمرّد في صنعاء سنة 1260 هـ / 1844 م. والصراعات المستمرة بين هؤلاء وبني رسول وآل طاهر، وكثيراً ما كان يثور أفراد عديدون يدّعون الإمامة ويتنافسون على كسب النفوذ السياسي، مثل المعارك التي كانت بين المهدي صاحب المواهب وبين ابن عمه المنصور حسين بن قاسم من جهة وبين المهدي والمتوكل قاسم بن الحسين من جهة أخرى في القرن 13 هـ / 19 م، ولذلك كان يحكم الزيدية عدد من الأئمّة في عصر واحد. وفي 1269 هـ / 1853م خرجت الإمارة من آل قاسم، ووصل المنصور محمد بن عبدالله إلى السلطة؛ وكان يحكم صنعاء وأطرافها في هذا القرن 5 أئمّة. وقد أدى هذا النزاع المستمر لاضطراب الأُمور وتجزئة سلطة دولة الزيديين السياسية والاجتماعية. وكما استولى الأتراك العثمانيون ـ الذين كان قد طردهم المؤيد سنة 1045 هـ / 1635 م ـ على اليمن مرة أخرى في 1252 هـ / 1836م وأنهوا إمارة آل منصور. وقد وصل إلى الإمامة من هذا البيت سنة 1307 هـ / 1890م الإمام منصور محمد بن يحيى حميد الدين.
    واستمرت سلطة العثمانيين على اليمن إلى نهاية الحرب العالمية الأولى ( 1332 ـ 1337 هـ / 1914 ـ 1918 م )، وانضوى تحت سلطة الإمام المتوكل يحيى بن محمد حميد الدين شمالُ وجنوب اليمن أيضاً بعد انهيار الخلافة العثمانية سنة 1337 هـ / 1918 م، وعُرف عهده وعهد ابنه أحمد بعهد الحكومة المتوكلية، واستمر منذ 1332 ـ 1382 هـ / 1914 ـ 1962م. وانتهت حكومة الأئمّة كليّاً باندلاع الثورة اليمنية بقيادة عبدالله السلاّل وإعلان الجمهورية في هذه البلاد في 1962م.
    ويذكر لين پول أشخاصاً آخرين من هذه السلالة حكموا في صعدة وصنعاء، ولكن لا توجد معلومات عن دولتهم وأحوالهم.


    العلماء والفقهاء الرَّسّيون في اليمن
    بعد أن شق الفقهاء والعلماء الطباطبائيون الرسيّون طريقهم في اليمن مُنذ أواخر القرن 2 هـ / 8 م وأنشأوا دولة فيها، ظهر علماء ومحقّقون ومتكلّمون وأدباء وفقهاء مشهورون عملوا خلال 12 قرناً على تطوير ونشر عقائد الشيعة الزيديين وفقههم وحديثهم وعلم كلامهم وثقافتهم، فبالإضافة إلى العلماء الحكّام من هذه الطائفة ظهر في اليمن علماء آخرون من أتباع هذا المذهب، منهم:
    1. الحسين بن بدر الدين بن محمد( 582 ـ 662 هـ / 1186 ـ 1264 م ) فقيه وأصولي ومحدّث ومحقّق ومؤلّف، من سلالة الإمام يحيى الهادي، ولد في هجرة في منطقة رغافة، ودرس هناك، ومن تأليفاته: شفاء الأوام في أحاديث الأحكام ـ في علم الحديث؛ المدخل؛ الذريعة؛ التقرير ـ 6 مجلدات في الفقه؛ غرة الأفكار في حرب البغاة الكفّار؛ ينابيع النصيحة، في أصول الفقه؛ والنظام وتوفي في رغافة.
    2. الحسين بن محمد بن بدر الدين ( ت 663 هـ / 1265 م ) فقيه ومحدّث ينتسب إلى الإمام يحيى الهادي، ولد في هجرة من منطقة رغافة وفيها نشأ وترعرع ودرس العلوم الإسلاميّة، وكان تلامذته من العلماء البارزين في اليمن.
    3. دَهماء بنت يحيى بن المرتضى ( ت 837 هـ / 1434 م ) فقيهة وأديبة وشاعرة ومحقّقة، وهي أخت الإمام المهدي أحمد بن يحيى. درست على أخيها وارتقت إلى مراتب علمية رفيعة، تزوّجها السيد محمد بن أبي الفضائل، عاشت في مدينة « ثلاء » وقضت عمراً في التأليف والتحقيق وتوفيّت هناك، وقد كتبت شرحاً لكتاب الأزهار لأخيها أحمد في 4 مجلدات.
    4. أحمد بن صلاح الشرفي ( 975 ـ 1055 هـ / 1567 ـ 1645 م ) فقيه ومؤرخ ومحقّق ومؤلّف، يصل نسبه إلى القاسم الرسيّ، نَعَتوه بالعلم والزهد والتقوى، ومن تأليفاته: شرح كتاب الأساس للإمام قاسم؛ شرح كتاب الأزهار للإمام أحمد بن يحيى في 4 مجلدات؛ شرح كتاب البسامة للسيّد صارم الدين بن الوزير باسم اللآلئ المضيئة في 3 مجلدات.
    5. أحمد بن محمد بن لقمان ( ت 1029 هـ / 1620 م ) عالم وأديب وفقيه ومحقّق ومؤلّف، يصل نسبه إلى الإمام المهدي أحمد بن يحيى، وكان من تلامذة السيد أحمد الشرفي ( أحمد بن صلاح )، وكانت له حوزة دراسيّة في المسجد الجامع في مدينة شهارة. له مؤلفات عديدة منها: شرح الأساس؛ شرح الكافل ـ في أصول الفقه طُبع في صنعاء سنة 1360 هـ / 1941 م؛ شرح التهذيب للتفتازاني في المنطق؛ حاشية على الفصول اللؤلؤية؛ وشرح على المنهاج تأليف الإمام المهدي أحمد بن يحيى. وقد توفّي في حصن « غمار » في خولان الشام.
    6. الحسن بن أحمد جلال ( 1014 ـ 1048 هـ / 1605 ـ 1638 م ) فقيه وعالم ومحقّق ومؤلّف وشاعر. يصل نسبه إلى أحمد الناصر. ولد في هجرة من رغافة، ودرس على كبار علماء عصره في صعدة وشهارة وصنعاء وأصبح من أبرز الفقهاء آنذاك، ومهر في علوم مختلفة، وكان يعيش في عصر المتوكّل على الله ويحظى باحترامه الوافر، وقد أقام في أخريات حياته في « جراف » إحدى القرى التي تمتاز بنقاوة الهواء وعذوبة الماء، حوالي شمالي صنعاء وتوفّي فيها. وله تأليفات كثيرة منها: ضوء النهار، وهو شرح كتاب الأزهار لأحمد بن يحيى؛ شرح كتاب الفصول اللؤلؤيّة للسيّد صارم الدين بن الوزير في أصول الفقه؛ شرح مختصر المنتهى؛ شرح التهذيب ـ في المنطق؛ عصام المتورعين في أصول الدين؛ شرح كتاب القلائد لأحمد بن يحيى؛ حاشية على حاشية سعد للكشاف؛ وله أشعار أيضاً.
    7. عبدالله بن أحمد الشرفي، عالم ومفسر للقرآن، عاش في القرن 11 هـ / 17م، ويُعدّ من أبرز علماء هذا القرن، وله المصابيح في تفسير القرآن في 6 مجلدات.
    8. عبدالله بن عامر بن علي الحسني ( ت 1061 هـ / 1651 م ) عالم وأديب وشاعر. ابن عمّ الإمام المنصور قاسم بن محمد. كان ممثلاً للدولة في عصره في « ذيبين » و « وادعة ». ومن تأليفاته: التصريح بالمذهب الصحيح، وهو مختارات من آرائه وآراء الإمام يحيى الهادي. وقد أقام في هجرة ( حموس ) وتوفي في حوث.
    9. إبراهيم بن محمد بن قاسم ( ت 1145 هـ / 1732 م ) عالم وفقيه ومؤرخ وقاضٍ، حفيد الإمام محمد ( المؤيد ) بن قاسم بن محمد ومن مؤرخي اليمن في القرن 12 هـ / 18 م. ومن آثاره: طبقات الزيدية الذي ألفه في 1134 هـ / 1722 م، وقد ولاّه الإمام المنصور على منصب القضاء.


    الفقهاء والعلماء الطباطبائيون في مصر
    هاجر عدد من أولاد وأحفاد القاسم الرسيّ، وبعض إخوته أي الحسن بن إبراهيم وأحمد بن إبراهيم وأولاد عبدالله بن إبراهيم إلى مصر وأقاموا فيها. وقد أنشأ هؤلاء بيتاً كبيراً في مصر، برز منهم خلال عدة قرون علماء وفقهاء واحياناً ثوّار بارزون، وكان يتمتع أحد افراد الطباطبائيين المتنفذين بمنصب « نقيب السادات ». ولا توجد لدينا معلومات وافية عن أولئك العلماء، ولذلك يتعذّر الحديث عن حياتهم ودورهم العلمي والاجتماعي. وفيما يلي سرد لتراجم العلماء الطباطبائيين في مصر:
    1. أحمد بن عبدالله بن إبراهيم الطباطبائي، عالم وثائر يسميه ابن الأثير أحمد بن محمد ابن عبدالله بن إبراهيم، ويذكر أنه ثار في 255 هـ / 869 م، كما يذكر ابن عنبة أنه ثار عام 270 هـ / 883 م، في منطقة بين برقة والاسكندرية بمصر مطالباً بالخلافة. ثمّ ذهب إلى الصعيد، وكثر أتباعه هناك وتقدّم في ثورته، وقد أرسل أحمد بن طولون ( 220 ـ 270 هـ / 835 ـ 883 م ) جيشاً للقضاء عليه، فقُتل أحمد في المعركة التي احتدمت بينهم، وتفرّق أتباعه.
    2. محمد بن إسماعيل بن القاسم الرسيّ المعروف بالشعراني، عالم ومحدّث ونقيب السادات الطباطبائيين في مصر في القرن 3 هـ / 9 م. تولّى النقابة بعده ابنه إسماعيل ثم ابنه الآخر أحمد.
    3. أحمد بن محمد بن إسماعيل ( 281 ـ 345 هـ / 894 ـ 956 م ) عالم وأديب وشاعر ونقيب السادات الطباطبائية في مصر. لا يُعرف عن حياته شيء، ولكن من المعروف أنّه توفي في مصر ودفن فيها، وقد ذُكرت أشعاره في يتيمة الدهر للثعالبي وبعض الكتب الأخرى. وذكر ابن نظيف أنّه تُوفي في
    46 هـ / 957 م.
    4. أبو البركات هادي بن الحسين بن محمد العلوي الرسّي، عالم ومحدّث.
    5. أبو عبدالله الحسن بن إبراهيم الرسّي.
    6. أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم، من أحفاد الحسن بن إبراهيم طباطبا، توفّي في مصر سنة 337 هـ / 948 م.
    7. أبو الحسن بن أبي محمد الحسن بن علي ـ الملقّب بالجَمل ـ من نسل الحسن بن إبراهيم طباطبا، عاش في مصر وتوفّي فيها.
    8. محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا المعروف بـ « محمد الصوفي المصري »، عالم ومتصوف.
    9. محمد شجاع بن أحمد بن الحسن بن طباطبا المعروف بالمستجدّ، مؤسس المستجدية في مصر.
    10. محمد بن أحمد بن الحسن بن طباطبا المعروف بـ « محمد الرئيس ».
    11. أبو الحسن علي بن محمد الصوفي، من نسل أحمد بن الحسن، ومؤسس سلالة ( الكركي ) في مصر.
    12. علي بن محمد بن موسى المعروف بابن بنت فرعة، من أحفاد القاسم الرسّي.
    13. أبو محمد عبدالله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا ( 286 ـ 348 هـ / 899 ـ 959 م ) من العلماء والأثرياء الطباطبائيين البارزين في مصر، ولد في الحجاز ثم أقام في مصر وتوفي فيها، وكان مشهوراً بالجود والعطاء.
    14. أبو الحسن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا.
    15. محمد بن أحمد بن علي.
    16. محمد بن طاهر بن علي بن أحمد، من كبار الأسرة، ومن المحدّثين المشهورين.
    17. الحسن بن عبدالله بن محمد بن قاسم.


    العلماء الطاطبائيون في العراق
    كان العراق منذ حوالي سنة 36 هـ / 656 م مركزاً للشيعة والعلويين، حيث نَقَل الإمام علي عليه السّلام مقرّ حكومته من المدينة إلى الكوفة، وبعد أن ثار محمد بن إبراهيم في الكوفة وأسّس دولة هناك، ازداد عدد السادة والشيعة فيها.
    ورغم تدهور أوضاع العلويين السياسية والاجتماعية، فقد سكن هؤلاء الكوفة والبصرة وبغداد فيما بعد عدة قرون أيضاً، وظ

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 6:26 pm